حكم سب الذات الإلهية ، أو الدين .. وما يترتب على ذلك

 

ألفاظ الكفر تخرج من الملة الحنيفية ، وتهدد الحياة الأسرية

السؤال : ما حكم من سب الذات الإلهية ، أو الدين ، او شتم الرسول صلى الله علية وسلم ، وما يترتب على ذلك ؟

الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..
أولا : حكم الساب وما يترتب علية من أحكام .
(أ) حكم الساب / من سب الله عز وجل ، أو الدين ، أو استهزأ بالله ، أو اياته ، أو رسله ، أو كتبه ، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة : كالصلاة ، أو غير ذلك من نواقض التوحيد ، فقد كفر وارتد عن الإسلام ، جادا كان أو مازحا .
(ب) أحكام المرتد / إذا تلفظ المسلم بالفاظ الكفر ، أو أتى شيئا من موجبات الردة ، ومات قبل أن يندم ، ويتوب إلى الله تعالى ، ويعلن رجوعة إلى الإسلام من جديد : بالنطق بالشهادتين ، فإنه يموت كافرا أو مرتدا ، ويحشر مع أهل الكفر والشرك ، لأنه منهم ، فضلا عن لعنة وخلوده في النار أبدا , إذ يقول رب العزة جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) . وأما في الدنيا فتترتب على الردة أحكام كثيرة ، أهمها ما يلي :
1- سقوط ولاية المرتد على غيرة : فلا يولى على القاصرين من أولاده ، او أولاد غيره ، ولا يزوج أحدا من بناته ، أو غيرهن ممن له ولاية عليهن قبل ردته : لأنه لا ولاية لكافر على مسلم .
2- إمتناع التقارب بينه وبين اقاربه : فلا يرثهم ، ولا يرثونه ، ويكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين .
3- تحريم ذبيحته : لأن المرتد لا ملة له ولا يقر على دين غنتقل إليه ، حتى ولو كان دين اهل الكتاب .
4- تحريم الدعاء له بالمغفرة والرحمة ، وتحريم الصلاة عليه إذا مات قبل التوبة والرجوع إلى الإسلام : لقوله تعالى : ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ) .
5- بطلان أعماله الصالحة ، وفساد طاعاته وعباداته إن مات على الكفر : لقوله تعالى : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .
6- وجوب إقامة الحد عليه ، وعقابه القتل لقوله صلى الله علية وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه " اخرجه الشيخان عن إبن عباس رضى الله عنهما ، ولكنه يستتاب قبل قتله ، فيحبس ثلاثة أيام ، ويعرض علية الإسلام ، فإن أصر على الكفر يقتل .
7- تحريم نكاحه : فلا يصح زواج المرتد من المسلم الثابت على دينه ، سواء كان رجلا أو أنثى ، لأن المرأة المسلمة لا تحل لكافر ، كما لا يحل لمسلم ان يتزوج من امرأة كافرة .

ثانيا : أثر الردة لكافر على عقد الزواج ، وحكم المعاشرة الزوجية بعد التلفظ بألفاظ الكفر .
(أ) إذا تلفظ أحد الزوجين بألفاظ الكفر أصبح كافرا مرتدا ، وانفسخ عقد الزواج بينهما فورا ، ووقعت الفرقة في الحال ، وحرمت الخلوة ، والمعاشرة الزوجية ، من الجماع ومقدماته ، وإن حصل شيئ من ذلك بينهما فهو زنا ، وعلاقة محرمة ، فلا يحل لامرأة مسلمة أن تختلي بزوجها المرتد ولا أن تمكنه من نفسها ، كما لا يحل لمسلم أن يعاشر زوجته المرتدة ، أو يختلي بها .
(ب) وإذا عاد المرتد منهما إلى الإسلام , فلا يعود الزواج بينهما إلا بعقد ومهر جديدين .
(ج) أما إذا تكرر منه ذلك مرارا فلا معنى لبقاء النكاح بينهما ، لأنه زنديق متلاعب ، لا يقيم للإسلام في نفسه وزنا ، ولا يضع لعقيدته في قلبه إعتبارا ، فلا توبة له عند جمهور العلماء ، وذهب بعضهم الى قبول توبته إذا تاب توبة خالصة ، عازما بصدق على ترك هذه المعصية ، وهذا ما أرجحه : لقوله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  ) .

ومن أخلص في توبته ، ولجأ إلى الله نادما ، مستنكثرا من الطاعات وعمل الصالحات ، فله البشرى من رب الأرض والسماوات ، بتبديل السيئات إلى حسنات : حيث يقول سبحانه وتعالى : ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا )

تعليقات