ما حكم ترك الصلاه كسلا


ما حكم ترك الصلاه كسلا )))))
ترك الصلاة كسلاً كفر مخرج من الملة على القول الصحيح ، وقد تقدم تقرير ذلك في جواب السؤال رقم (5208). 
لكن متى يتحقق كفر تارك الصلاة كسلاً ، هل بترك صلاة واحدة أو بصلاتين أو إذا وطن نفسه وعزم على الترك ؟
المسألة خلافية ، فمن العلماء من يقول إنه يكفر بتعمد ترك صلاة واحدة ، وهذا مروي عن جمع من الصحابة ، ومنهم من يقول : لا يكفر إلا بالترك المطلق ، ومنهم من يقول : يكفر باطنا إذا ترك فريضة وعزم على الترك المطلق ، وينظر جواب سؤال رقم (83165) . 
وهذا الخلاف يجب أن يحمل الإنسان على أداء الصلاة في وقتها ، لا أن يقعده عن العمل ، ولا أن يكون همه مسألة النكاح وصحة العقد فقط ، فإن عذاب الآخرة شديد ، وعلى القول بعدم كفر تارك الصلاة والصلاتين فإنه يكون من أهل الكبائر المعرضين لأشد العذاب ، نسأل الله العافية.
فالنصيحة لك أيها الأخ الكريم أن تداوم على أداء الصلاة في أوقاتها ، فإن الموت يأتي بغتة ، والأعمال بالخواتيم ، وعليك أن تكثر من النوافل لتكون عوضا عما حدث من خلل في الفرائض كما جاء في الحديث الصحيح عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ رواه الترمذي رقم (413) ، وهو في صحيح الجامع (2020).
ورواه أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ أنه أَتَى الْمَدِينَةَ فَلَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فَنَسَبَنِي فَانْتَسَبْتُ لَهُ فَقَالَ يَا فَتَى أَلا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا قَالَ قُلْتُ بَلَى رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ يُونُسُ وَأَحْسَبُهُ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلاةُ قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِي صَلاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وأما عقد النكاح : فعلى القول بكفر تارك الصلاة الواحدة عمدا ، لا يبطل نكاح من دخل بزوجته إلا إذا استمر على الترك حتى انقضت العدة ، فإن تاب وصلى قبل انقضاء العدة ، فهو باق على نكاحه ، وينظر : سؤال رقم (134339) .
وأما الاستدلال بآيات الرحمة والرجاء ، فإنها نصوص عامة مخصَّصة بالنصوص الدالة على كفر تارك الصلاة ، أو بالنصوص الدالة على أنه من أهل الكبائر ، فرحمة الله الواسعة ، وهو أرحم بالإنسان من والدته ، لكنه سبحانه أخبرنا ، وأخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم ، بأن تارك الصلاة معرض لأشد العذاب ، عذاب الكفار أو الفساق ، على القولين السابقين ، فلا تعارض بين عام وخاص ، بل النص الخاص يخصص العام ، ولهذا نجزم بأن فئات من المسلمين سيدخلون النار ، من القتلة ، والزناة ، وشاربي الخمور ، وقاطعي الأرحام ، وغيرهم ، مع إيماننا برحمة الله تعالى . وهكذا تُفهم نصوص الشريعة ، بجمع بعضها إلى بعض ، وتقديم خاصها على عامّها ، ومقيدها على مطلقها .
والصلاة أمرها يسير ، ولا تأخذ من وقتك إلا دقائق معدودة ، ولو أديتها بخشوع وخضوع لعلمت أنه لا قيمة للحياة بدونها ، فهي قرة العيون ، وبهجة النفوس ، ولذة الأرواح .
إنك تحتاج يا عبد الله إلى أن تحسن الظن بربك ، فهو أكرم من أن يرد من جاءه ؛ لا ، بل من جاءه يمشي أتاه ربه هرولة ، ومن تقرب إليه شبرا ، تقرب منه ربه باعا ؛ فسبحانه ما أكرمه ، وأرحمه ، وأحلمه ؛ فلماذا تظن بربك ظن السوء ؛ أما سمعت ما رواه أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) . متفق عليه . 
وفي صحيح مسلم (2877) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ، يَقُولُ : ( لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ ) . 
لكن إحسان الظن ، يعني : يستلزم إحسان العمل أولا ؛ ثم تعظيم الرجاء في ربك أن يتقبل منك ، ويتوفاك على خير ما يحبه منك .

تعليقات