رسالة حانية إلى المحتفلين بـ(عيد الحب)


إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ...
 أما بـــــــــعد:
السلام عليكم ورحمة الله
رسالة حانية إلى المحتفلين بـ(عيد الحب)
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاه.
أمَّا بعدُ:
فَإنَّ مِمَّا تأسفُ له النَّفسُ كثيرًا، ويُدْمي القلبَ حَقًّا، أنْ تَرى فِئامًا مِنَ الأُمَّةِ الإسلاميَّة - هَداهم اللهُ - يَنساقونَ وَراءَ الأممِ الكافرةِ في أخلاقِها السَّيئةِ وأعيادهِا المنحرفةِ، ومِمَّا يدخلُ في دائرةِ هذا الزَّخمِ الباطلِ: ظاهرةٌ غريبةٌ مريبةٌ، برزَتْ في السَّنواتِ الأخيرة، ثُمَّ شاعَتْ في أَقطارِ الدُّنيا، وذَاعتْ في آفاقِها، وهي ظَاهرةُ الاحتفالِ بِـ(عيد الحبِّ)، أو ما يُطلقُ عليهِ (عيدُ العُشَّاقِ)، أو (يوم القديس فالنتين)؛ تَشبُّهًا - بذلك - بأعداءِ الدِّينِ والملَّةِ الذين أَضلَّهم اللهُ وطمسَ على بَصائِرهم، ومُحاكاةً لهم في خَصائِصهم الَّتي يَتَّسمونَ بها؛ وجَريًا على سَننِهم المخالفةِ لمنهاجِ النُّبوة.
وكَمْ حذَّرَ رَسولنا الكريمُ، رَسولُ الرَّحمةِ والهدايةِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أُمَّتَه من هذه الكبكبةِ الفاجرةِ، والهُوَّةِ السحيقةِ - قبلَ ما يَربو على أربعةَ عشر قرنًا مِنَ الزَّمانِ؛ إذْ يقولُ - فداه أبي وأمي -: ((لتَتبِعُنَّ سَنن مَن قبلكم شِبْرًا بشبرٍ، وذِراعًا بذراعٍ، حتَّى لو سلَكوا جُحر ضبٍّ لسلَكْتموه))، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنَّصارى؟ قال: ((فمَن؟!))[1].
وقالَ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَتْرك هذه الأمَّةُ شيئًا من سننِ الأوَّلين حتَّى تأتِيَه))[2].
يقولُ الإمامُ ابنُ عبدالبَرِّ - رحمه الله -:
"وكانَ رَسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُحذِّرُ أصَحابَه وسائِرَ أُمَّتِه مِن سُوءِ صَنيعِ الأممِ قَبلَه، ويُخبرهم بما في ذلكَ مِنْ سَخطِ اللهِ وغَضبهِ، وَأَنَّهُ مما لا يَرضاه؛ خَشيةً عَليهم امتثالَ طُرقِهم.
وكانَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُحبُّ مُخالفةَ أَهلِ الكتابِ وسائرِ الكُفَّارِ، وَكَانَ يَخافُ على أُمَّتِه اتِّباعَهم.
أَلا تَرَى إلى قَولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على جِهةِ التَّعييرِ والتَّوبيخِ: ((لتتبعُنَّ سننَ الَّذينَ كَانوا قَبلكم حَذْو النَّعلِ بالنَّعلِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهم لو دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدخلتُموه))؟!"[3].
وإنَّ كُلَّ غَيورٍ مُشفقٍ على أُمَّتهِ، لَيتأكَّدُ عليه - لزامًا - أنْ يَبعثَ لأولئكَ المُحتفِلينَ بذلكم العيدِ البغيضِ بِرسالةٍ حانيةٍ، مِلؤها الرَّحْمةُ والمَحبَّةُ، يُناشدهم فيها باللهِ أنْ يُراجعوا فيها أنفسهم، وما اجترحَتْ أيديهم؛ مِمَّا يُغضبُ اللهَ - جلَّ وعلا - ويُنزلُ سخطَه.
وهَا أنا ذَا أَبعثُ إليهم بهذه الرِّسالةِ؛ انطلاقًا من قوله - سبحانَهُ - حكايةً عَنْ أنبيائهِ وخيارِ عباده -: ﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف: 59]، وقولهِ تعالى: ﴿ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ﴾ [غافر: 32].
ألاَ وإنَّ مَحاورَ تيكم الرِّسالة، ستَدورُ حول مضامينَ في غايةِ الأهَمِّيةِ، وهي على وجهِ الإجمال:
1- في حقيقةِ هذا العيدِ، وجذورهِ التَّأريخيَّةِ والعقدِيَّةِ.
2- مظاهرُ الاحتفالِ بهذا العيدِ.
3 - حُكْمهُ في ميزانِ الشَّريعةِ.
أما التفصيل؛ فهو على النَّحو الآتي:
أولاً - في حقيقةِ هذا العيدِ، وجذورهِ التَّأريخيةِ والعقديةِ[4]:
يُعتبر (عِيدُ الحبِّ) مِنْ أعيادِ الرُّومانِ الوثنيِّينَ؛ حيثُ كانتِ الوثنيةُ سَائدةً عندَ الرُّومان قبلَ ما يَزيدُ على سبعةَ عشر قرنًا، وهو مصطلحٌ خاصٌّ في المفهوم الوثَنِي الرُّوماني، يُعبِّرُ عن الحبِّ الإلهي.
وكَانَ لِهذا العيدِ الوثنيِّ أساطيرُ متعدِّدةٌ عندَ الرُّومانِ، وعندَ مَنْ جاء بعدهم مِنَ النَّصارى، ولعلَّ أَشهرَها أسطورتانِ اثنتانِ:
1 - أولاهما: كانَ الرُّومانُ يَعتقدونَ أنَّ (رومليوس) مُؤسِّسُ مدينة (روما) أَرضعَتْه ذاتَ يومٍ ذِئبةٌ؛ فاكتسبَ منْ لَبنِها القوَّةَ ورجَاحةَ الفكرِ.
ولذلك كانوا يحتفلونَ بهذا اليومِ في منتصفِ شهرِ فبراير مِنْ كُلِّ عَامٍ؛ احتفالاً كبيرًا، يُمارِسونَ فيه أعمالاً في غايةِ الغرابةِ والخرافةِ؛ حيثُ يَذبحونَ كَلبًا وعنْزةً، ويَدهنُ شَابانِ مفتولاَ العضلاتِ جسمَيْهما بَدمِ الكلبِ والعنْزةِ، ثُمَّ يَغسلانِ الدَّمَ باللَّبنِ، وَيسيرانِ في موكبٍ عظيم؛ بِحيثُ يَكونانِ في مُقدِّمته، وَيجولانِ في الطُّرقاتِ، ومعهما قِطعتانِ منَ الجلدِ، يُلطِّخانِ بِهما كُلَّ مَنْ يُقابلهما، وكَانَ النِّساءُ الرُّومياتُ يُرحبنَ أشدَّ الترحيبِ بهذا التَّلطيخِ، وَيَتعمدنَ أنْ يُصيبهنَّ الدَّمُ الَّذي على الجلدِ؛ لاعتقادهنَّ بأنَّهُ يَمنعُ العقمَ، ويُساعدُ على الولادةِ، ويَزيدُ مِنْ خُصوبتهنَّ.
ومنْ هنا؛ كانَ الرُّومانُ يُطلقونَ (عيدَ الخصبِ) على ذلك العيدِ، وكانوا يحتفلونَ به سنويًّا على شَرفِ (إلهِ الخصوبةِ) عندهم، المسمَّى (خونو Juno ) في الخامسَ عشر من شهرِ شباط الذي يُقابله شهر فبراير في التأريخِ الميلاديِّ.
2 - الأسطورةُ الثانية: تَتعلَّقُ بِـ (القدِّيس فالنتين) الَّذي يُنسَبُ إليه هذا العيدُ الوثنيُّ؛ كما مَرَّ معنا، وقَد اختلفتِ الرِّواياتُ التَّاريخيةُ في تَعيينِ ماهِيَّةِ هذا القديسِ على وجهِ الدِّقةِ والتَّحديدِ؛ فجاءَ في بعضها أَنَّهُ ليسَ شخصًا واحدًا، وإِنَّما هُوَ اثنانِ منْ قُدامى ضحايا الكنيسةِ النَّصرانية، وجاءَ في بعضها الآخرِ أَنَّهُ واحدٌ أُعْدِمَ في روما على يَدِ القائدِ الرُّومانيِّ (كلوديوس الثَّاني) في (14 فبراير) عام (270م) ليلةَ العيدِ الوثنيِّ الرِّوماني (لوبركيليا)؛ وسببُ ذلك - كما جاءَ في الرِّوايةِ المزعومةِ -: أَنَّ القائدَ (كلوديوس الثَّاني) الَّذي كَانَ يعتنقُ الوثنيةَ الرُّومانيةَ، قَرَّرَ مَنْعَ جنودِه مِنَ الزَّواج؛ لأنَّهُ كانَ يعتقدُ أَنَّ للزَّواجِ تأثيرًا سلبيًّا عليهم؛ إذْ إِنَّهُ يُميتُ فيهم رُوحَ الجندِيَّةِ والقتال، ولَمْ يَكُنْ هذا القرارُ الجائرُ الَّذِي يُصادِمُ الفطرةَ البشرِيَّةَ، لِيُعجبَ (القديس فالنتاين) الَّذي كانَ على دِينِ النَّصرانية؛ فَكانَ يَعقدُ عُقودَ الزَّواجِ للجنود بشكلٍ سرِيٍّ، وحينَ عَرفَ بِذلكَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) اعتقلَه، وفي السِّجنِ يَقعُ (القديسُ فالنتاين) في حُبِّ ابنةِ القائدِ (كلوديوس الثَّاني) العمياءِ، الَّتي شُفِيتْ مِنْ مرضِها، وعَادتْ لِتُبصرَ مِنْ جديدٍ بعد عَلاقتها بـِ(القديس فالنتاين)! وسَاعتئذٍ بَذلَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) جَهدَهُ في أَنْ يَتركَ (القديسُ فالنتاين) النَّصرانيةَ، ويَعتقدَ بآلهةِ الرُّومانِ، لكنَّ محاولاتهِ كُلَّها بَاءتْ بالفشلِ الذَّريع، وثبتَ (فالنتين) على النَّصرانيةِ؛ فَقرَّرَ القائدُ (كلوديوس الثَّاني) آنذاكَ أنْ يَقتلَه، وَقُبيلَ إعدامِه كتَبَ رَسالةَ حُبٍّ إلى ابنةِ القائد.
واحتفاءً بهِ، وتخليدًا لذكرهِ؛ بُنيتْ كَنيسةٌ في روما في المكانِ الَّذِي أُعْدِمَ فيه عامَ (350م).
وحينَ اعتنقَ الرُّومانُ النَّصرانيةَ أبقَوْا على الاحتفالِ بعيدِ الحبِّ الآنفِ الذِّكرِ، بَيْدَ أَنَّهم نَقلوهُ مِنْ مفهومِه الوثنيِّ (الحبِّ الإلهيِّ) إلى مفهومٍ آخرَ، يُطلقُ عليهِ (شُهداءُ الحبِّ) الَّذِينَ يَقفُ في طَليعتِهم (القديسُ فالنتين): رَسولُ الحبِّ والسَّلامِ - حَسبَ زَعمِهم - الَّذِي نَاضلَ واستشهدَ في سبيلِ ذَلك.
ثانيًا - مَظاهرُ الاحتفالِ بهذا العيدِ[5]:
هذا العيدُ البدعيُّ الوثنيُّ شأنُه شأنُ غيرهِ منَ الأعيادِ؛ منْ حيثُ إنَّ لَهُ مَظاهرَ يُعبِّرُ فيها النَّاسُ عَنْ بَهجتِهم بهِ، وسُرورهم بِقدومهِ؛ كَما يلي:
1- إِرسالُ بطاقاتِ عيدِ الحبِّ، أَو الحلوى للأحبةِ أو الزملاءِ في العمل.
2- تَبادُلُ الورودِ الحمراءِ؛ وإهداؤُها؛ تعبيرًا عن الحبِّ الوثنيِّ الذي كان عند الرومانِ لِمَعبوداتِهم منْ دُونِ الله تعالى.
3- تَوزيعُ بطاقاتِ التَّهنئةِ، وفي بعضها صورةُ (كيوبيد)، وهوَ طفلٌ لَهُ جَناحانِ يَحملُ قوسًا ونُشَّابًا، وهو إِلهُ الحُبِّ عندَ الأمةِ الرُّومانية الوثنية.
4- تَبادلُ كَلماتِ الحُبِّ والعشقِ والغرامِ في بطاقاتِ التَّهنئةِ الَّتي تكونُ بينهم، والَّتي كَثيرًا ما يُكتب فيها عبارة (كُنْ فالنتينيًّا).
5- إقامةُ حفلاتٍ مُختلطةٍ راقصة، تُوَزَّعُ فيها الهدايا التَّذكارية مِن الورودِ وصَناديقِ الشوكولاتة.
ثالثًا - حُكمهُ في ميزانِ الشَّريعة:
لا يَرْتابُ مُسلمٌ، عَرَفَ أبجدياتِ دينهِ، وعَلِمَ النَّزرَ اليسيرَ منْ أحكامِ شريعتهِ أَنَّ الاحتفالَ بهذا العيدِ البدعيِّ الوثنيِّ مِنَ المقطوعِ بتحريمهِ في ميزانِ الشَّريعةِ الإسلاميةِ.
وقد أَفتى بذلك جمعٌ مِنْ أهلِ العلمِ بناءً على الأدلة المُحكَمةِ القطعيَّة منَ الكتابِ والسُّنةِ وإجماعِ سلَفِ الأمَّةِ، وكانَ منهم (اللَّجنةُ الدَّائِمةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ) في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ في فتواها رقم (21203)[6] برئاسةِ سماحةِ الشَّيخِ عبدالعزيز بنِ عبدالله بنِ محمدٍ آل الشيخ، وأعضاءِ اللجنةِ: الشَّيخِ صالحِ بنِ فوزان الفوزان، والشيخِ عبدِالله بنِ عبدالرحمن الغديان، والشيخِ بكر بنِ عبدالله أبو زيد، وهذا هُو نَصُّها مشتملاً على السُّؤالِ والجوابِ:
"س: يَحتفلُ بعضُ النَّاسِ في اليومِ الرَّابعَ عشر منْ شهرِ فبراير 14/ 2 مِنْ كُلِّ سنةٍ ميلاديةٍ بيومِ الحبِّ ((فالنتين داي)) ((day valentine))، ويَتهادونَ الورودَ الحمراءَ، ويَلبسونَ اللَّون الأحمرَ، ويُهنِّئُونَ بعضَهم، وتَقومُ بعضُ محلاتِ الحلوياتِ بصنعِ حَلوياتٍ باللَّونِ الأحمرِ، ويُرسَمُ عليها قلوبٌ، وتلصق بعضُ المحلاَّتِ إعلاناتٍ على بضائِعها الَّتي تَخصُّ هذا اليومَ فما هو رأيكم:
أَوَّلاً: الاحتفالُ بهذا اليوم؟
ثانيًا: الشِّراءُ منَ المحلاتِ في هذا اليوم؟
ثالثًا: بيعُ أصحابِ المحلاتِ (غير المحتفلةِ) لمنْ يحتفلُ ببعض ما يُهدى في هذا اليوم؟
ج: دَلَّتِ الأدلةُ الصَّريحةُ مِنَ الكتابِ والسُّنةِ - وعلى ذلكَ أَجمعَ سَلفُ الأُمَّةِ - أَنَّ الأعيادَ في الإسلامِ اثنانِ فقط هما: عيدُ الفطرِ وعيدُ الأضحى، وما عَداهما مِنَ الأعيادِ؛ سواء كانتْ مُتعلِّقةً بِشخصٍ، أو جماعةٍ، أو حَدَثٍ، أو أيِّ معنًى منَ المعاني؛ فهي أعيادٌ مبتدعةٌ لا يجوزُ لأهلِ الإسلام فِعْلُها، ولا إقرارُها، ولا إِظهارُ الفَرحِ بها، ولا الإعانةُ عليها بشيءٍ؛ لأنَّ ذلك مِنْ تَعدِّي حدودِ اللهِ، ومنْ يَتعدَّ حُدودَ اللهِ فقدْ ظَلمَ نَفْسَه، وإذا انضافَ إلى العيدِ المخترَعِ كَونُه منْ أعيادِ الكُفَّارِ فَهَذا إِثْمٌ إلى إِثمٍ؛ لأنَّ في ذلك تَشبُّهًا بهم، ونوعَ موالاةٍ لهم، وقد نَهى اللهُ سُبحانه المؤمنينَ عَنِ التَّشبُّهِ بهم، وعنْ موالاتِهم في كتابِه العزيزِ، وثَبتَ عَنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فَهُو مِنْهم)).
وَعيدُ الحبِّ هُوَ منْ جنسِ مَا ذُكِرَ؛ لأنَّهُ مِنَ الأعيادِ الوثنيةِ النَّصرانية؛ فلا يَحلُّ لمسلمٍ يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ أَنْ يَفعلَه، أَوْ أَنْ يُقِرَّه، أَو أنْ يُهنِّئ، بلِ الواجبُ تَركُه واجتنابُه؛ استجابةً للهِ ورسولهِ، وبُعدًا عَنْ أَسبابِ سَخطِ اللهِ وعقوبتِه، كَما يَحرمُ على المسلمِ الإعانةُ على هذا العيدِ، أَوْ غيرهِ منَ الأعيادِ المُحرَّمةِ بأيِّ شيءٍ من أكلٍ أو شربٍ أو بيعٍ أو شراءٍ أو صناعةٍ أو هديةٍ أو مراسلةٍ أو إعلان، أَو غيرِ ذلكَ؛ لأَنَّ ذلكَ كُلَّه منَ التَّعاونِ على الإثمِ والعدوانِ، ومعصيةِ اللهِ والرَّسولِ، واللهُ - جلَّ وعلا - يقولُ: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2]، ويجبُ على المسلمِ الاعتصامُ بالكتابِ والسُّنةِ في جميعِ أحوالهِ؛ لا سيَّما في أوقاتِ الفِتَنِ وكثرةِ الفسادِ، وعليهِ أَنْ يَكونَ فطنًا، حَذِرًا منَ الوقوعِ في ضَلالاتِ المغضوبِ عليهم والضَّالينَ والفاسقينَ الَّذِين لا يَرجونَ للهِ وَقارًا، ولا يَرفعونَ بالإسلامِ رأسًا، وعلى المسلمِ أَنْ يَلجأَ إلى اللهِ تعالى بطلبِ هدايته، والثَّباتِ عليها؛ فَإِنَّهُ لا هادِيَ إلا اللهُ، ولا مُثَبِّتَ إلا هُو سبحانَه، وباللهِ التَّوفيقُ، وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ وآلهِ وصحبهِ وسَلَّم".

تعليقات