أسباب المغفرة

أسباب المغفرة
عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله - تعالى -: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي..يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي..يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة))[رواه الترمذي، وحسنه الألباني].
- هذا الحديث تضمن الأسباب التي إن حققها الإنسان غفر الله ذنوبه، وهذه الأسباب:
- الدعاء مع الرجاء.
- الاستغفار.
- التوحيد.
وبالطبع يفهم عن الحديث أن جميع ابن آدم يقع في الذنب، ولكن لنتكلم عن هذه الأسباب:
أولاً: الدعاء مع الرجاء: وذلك أن الدعاء عبادة عظيمة، ينبغي على العبد ألا يغفل عنها، وهو أحوج إليها حال الوقوع في الذنب، ولكن ينبغي ألا يخل بشروط الدعاء، وأن لا يقع في موانع الإجابة.
- وما الموانع؟!
- موانع إجابة الدعاء كثيرة، أولها: المطعم الحرام، والملبس الحرام، أي: التكسب بالحرام كما في الحديث، وثانيها: الدعا بقلب غافل لاه، وثالثها: عدم الجزم في الدعاء، كأن يقول: ((اللهم اغفر لي إن شئت)).
أما أسباب الإجابة فأكثر؛ لأن الأصل أن يستجيب الله لمن دعاه: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) [غافر: 60)]، ومن أسباب الإجابة حضور القلب، والإنكسار، والإقرار بالذنب، وإظهار الافتقار إلى الله، والاستمرار بالدعاء، ورفع اليدين مع تحري أوقات الإجابة، فيدعو العبد وهو موقن بالإجابة.
أما السبب الثاني للمغفرة: فهو الاستغفار، وهو طلب المغفرة، وينبغي أن يصاحب استغفار اللسان صدق في القلب على ترك الذنب كما قال - تعالى -: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)[آل عمران: 135)]، فإن الإصرار على الذنب من موانع المغفرة، وكره بعض السلف أن يقول أحد: "استغفر الله العظيم وأتوب إليه"، واستحسن أن يقول: (استغفر الله اللهم تب علي)، وذلك أنه قد يعود، ولكن جمهور العلماء على جواز قوله: (وأتوب إليه) لأحاديث وردت منها كفارة المجلس: ((سبحان الله وبحمده سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك))[السلسلة الصحيحة].
أما السبب الثالث للمغفرة: فهو التوحيد، وهو أعظم الأسباب، وذلك أن الذنوب كلها تحت مشيئة الله وإن لم يتب منها العبد ولم يستغفر إلا الشرك: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)[النساء: 48)]، وذلك أن تحقيق التوحيد يمنع العبد من الوقوع في الذنب ابتداء لما في القلب من تقوى لله وخوف من الله وتعظيم لله، فإذا وقع في الذنب، استحيا، واستغفر، فإن فاته كل ذلك فإنه لا يقنط من رحمة الله ومغفرته طالما لم ينقض التوحيد ويقع في الشرك، فإن الله يغفر له إن شاء، أو يعذبه بما شاء، ولكن يبقى التوحيد سببا لينال المغفرة.
وانتبه إلى بيان الله - عز وجل - لمكانة التوحيد فقال: ((لو أتيتني بقراب الأرض خطايا لأتيتك بقرابها مغفرة)).
- وهل يجب تحقيق كل هذه الأسباب الثلاثة لنيل المغفرة؟!
- أما التوحيد فلابد منه، والأسباب الأخرى إن اجتمعت كانت فرصة المغفرة أكبر، وإلا فكل واحدة تكفي؛ لأنها تتضمن الأخرى.

تعليقات