فضل صدقة السِّر


فضل صدقة السِّر (الخفيّة) وفوائدها
قال تعالى : {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (104) سورة التوبة
وقال تعالى {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (92) سورة آل عمران
وقال تبارك وتقدس : {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}(276) سورة البقرة. ، أي ينميها
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ( "إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم" فجعل الله صدقة السر في التطوع تفضل على علانيتها سبعين ضعفا وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها )
ثبت في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ الله تَعَالَى في ظِلِّهِ يوم لَا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَدْلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمَعَا عليه وَتَفَرَّقَا عليه وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فقال إني أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حتى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).لفظ البخاري.
وفي مسند أحمد بإسناد حسن عن أنس مرفوعا إن الملائكة قالت: ( رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالت فهل أشد من الحديد قال نعم النار قالت فهل أشد من النار قال نعم الماء قالت فهل أشد من الماء قال نعم الريح قالت فهل أشد من الريح قال نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها عن شماله ). وراه البيهقي والترمذي وغيرهم و قال الترمذي حديث غريب.

وخرجه الترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن صدقة السر لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء ) .
وروى عن على بن الحسين رضي الله عنهما : (أنه كان يحمل الخبز على ظهره بالليل يتتبع به المساكين في ظلمة الليل ويقول إن الصدقة في ظلام الليل تطفئ غضب الرب )

وللصدقة بوجه عام آثارا ذكر منها ابن القيم رحمه الله فقال :
فان للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر او من ظالم بل من كافر فان الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه.أ.هـ (الوابل الصيب 1/49)

أما عن فائدة صدقة السر فإنها عظيمة جليلة في نفس المتصدق علاوة على ما فيها من الأجر العظيم والفضل الكبير .
قال ابن القيم رحمه الله :
ففي إخفائها من الفوائد الستر عليه وعدم تخجيله بين الناس وإقامته مقام الفضيحة وأن يرى الناس أن يده هي اليد السفلى وأنه لا شيء له فيزهدون في معاملته ومعاوضته وهذا قدر زائد من الإحسان إليه بمجرد الصدقة مع تضمنه الإخلاص وعدم المراءاة وطلبهم المحمدة من الناس .(طريق الهجرتين1/556) .

قلت: ومن فوائدها أيضا فهي أدعى للإخلاص وأبعد له عن الرياء ، ، وكذلك لها تأثير نفسي على المتصدق من حيث شعوره بالرضى والطمأنينة، وترقق قلبه للمساكين والنظر على أحوالهم عن كثب ، وكذلك أدعى ليتقبلها المساكين عن رضى ومحبة ، ,وأدفع لهم عن الحرج ، وفيها فائدة في أثر النصح بعدها وقبوله ، ومن فوائدها أنها محفز للاستمرار عليها وفعل غيرها من الأعمال الصالحة.

وفي نفس الوقت لها فائدة وأثر على المتصدق عليه من حيث تأليفه وتحبيبه لفعل الخير وقبوله ، وكذلك فيها إعفافه عن مسألة الناس والمجاهرة بالسؤال .
ومن فوائدها أنها سبب في انتشار المحبة وزوال الخلافات وشحناء النفوس ، وكذلك لها تأثير في غسل القلوب من الضغائن والكبر وتصرف دواعي الحسد بإذن الله .

تعليقات

إرسال تعليق