هل نحن حريصين على تطبيق السُنَّـة

السلام عليكم ورحمة الله
حيّاكم الله
موضوع وجدته في أحد المنتديات أعجبني كثيرااا لدرجـة أن دمعتي نزلت من روعـة ما قرأت، والقصـة فيها فوائـد جمّـة،، جعلتني أفكر كثيرا في حالنا، فهل نحن محافظون على السنَّـة هكذا؟؟ وهل نحن نحب السنَّـة بهذه الطريقة؟؟ وهل نسعى لتطبيق السنن بحذافيرها؟؟
يقول الأخ صاحب الموضوع الأصلي:
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين أما بعد:
لقاء مع العلامة الألباني مُعْلي السنة -رحمه الله تعالى وجمعنا به في الفردوس الأعلى- لا أنساه أبدا ، ولا أنسى – وإن كنت أنسى- ذلك الموقف السنّي منه في حرصه على تطبيق السنة وإحيائها.
زرت الشيخ في أواسط التسعينات في بيته ، برفقة أحد الإخوة من شباب الكويت ، وبيت الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- في منطقة اسمها ماركا الجنوبية في عمّان ، فزرناه بين المغرب والعشاء -إن لم أنس- فاستقبلنا -رحمه الله تعالى- فاعتنقته وأنا فرح جدا! ، وقبّلته على رأسه ، وكأني أنظر إلى نظرته الحادة التي تكاد تخترق الجدار! ، ولون عينيه كان مميزا ، وإن لم أنس كان لونها أزرق .
فرحب بنا وقال : تفضلوا ، فأدخلنا إلى شرفة في بيته لها بلكونة صغيرة تطل على الشارع ، وجلسنا على طاولة أنا وصاحبي ومن هيّأ لنا اللقاء ، والشيخ جلس مقابلا لنا ، وبدأ صاحبي الأسئلة ، وأثناء ذلك جاءت امرأة بصحن فيه الشاي ، فرفع الشيخ شايه وأنا أراقبه ، فرأيت شفتيه تمتمتا ، ثم حسا حسوة ثم تمتم أيضا ، أي: قال: "بسم الله" ، قال: "الحمد لله" ، ووضع الكأس الصغيرة (و تُسمى إبْيالَة في لهجة الخليج) ، أخذ دقيقة أو أكثر يتكلم ، ثم رفع وتمتم ثانية! فحسا حسوة ثم تمتم! ثم أنزل الكأس ، ثم تكلم قليلا ، ثم رفع الكأس الثالثة فتمتم كما فعل أول مرة ! ثم حسا ، ثم تمتم الثالثة ، ووضع الكأس !
فاستغربت هذا الفعل منه -رحمه الله تعالى- ، وبعد أن انفض هذا اللقاء التأريخي!
رجعت أبحث في السلسلة الصحيحة ، فكانت المفاجأة! أني وجدت الشيخ يطبق حديثا نبويا حذو القذة بالقذة ، وإذا بفعله له أصل في السنة ، هو بنفسه قد صححه في السلسلة الصحيحة ، وهو :
"كان يشرب في ثلاثة أنفاس ، إذا أدنى الإناء إلى فمه سمى الله تعالى ، وإذا أخره حمد الله تعالى ، يفعل ذلك ثلاث مرات " . والحديث في الصحيحة (1277).
فرحمه الله تعالى رحمة واسعة ، وجمعنا الله به في الفردوس الأعلى ، ما كان أشد تمسكه بالسنة وتطبيقه لها !.
سبق هذا اللقاء آنف الذكر أن جئناه قبله بيوم ، وكلنا فرح ، بل نكاد نطير من الفرح!
ولما وصلنا عند باب حوش البيت ، وكان معنا الأخ الذي رتّب اللقاء بالشيخ ، فلما دق أخونا جرس البيت ، رد الشيخ علينا بالسماعة الخارجية عند الباب (ويسميها البعض إنتركم) ، فقال : أنا أعتذر عن اللقاء !!!، ولكم أن تتخيلوا إخواني مدى خيبة الأمل عندنا ، لقد أصابنا إحباط مفاجئ ، فجعلنا نضغط على أخينا بالإشارة ، فقال : يا شيخ : الإخوة جاؤوا من الكويت ، ومتلهفون لرؤيتك أو كما قال ! ، فقال الشيخ : الحقيقة كنت أريد أن أستقبلكم اليوم ، لكني الآن لا أستطيع ! لقد زارني بناتي زيارة مفاجئة ، وأنا الآن منشغل بهن ، واجعلوا لقاءكم غدا ، فألح أخونا أكثر ، فقال له الشيخ : { وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ } ، السلام عليكم ، ثم أغلق سماعة الباب الخارجي ، فرجعنا أدراجنا ونحن في أشد الضيق ، لكنّ سلواننا أن الموعد غدا .
تأملوا أيها الإخوة هنا أمورا :
الأول : احتفاءه ببناته ، وإلغاءه لكل المواعيد من أجلهن ، وهذا يدلك على الجانب الإنساني العظيم المرهف عند شيخنا -رحمه الله تعالى-.
الثاني: حبه لبناته وحرصه على الجانب الأبوي معهن .
الثالث: تأسّيه الحسن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حبه لبناته حبا عظيما والسيرة شاهدة بذلك، وكيف لا يكون للشيخ أسوة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو المحدِّث الفذ ، والسني المتبع -نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله تعالى .
الرابع: تأملوا استدلال الشيخ بالآية ، فهو استدلال موفق فيه حضور ذاكرة الشيخ رغم كبر سنه ، وحسن استدلاله فهو الموافق للموقف ولمعنى الآية.
فرحمة الله الواسعة عليه ، عسى الله تعالى أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى.
ومن التربية العملية في سيرة العلامة الألباني ما ذكره صاحبه الذي أوصى الشيخ أن يقوم بتغسيله ، وهو عزت خضر :
أن الشيخ قرر أن يعتمر مع أهله ، فانطلقوا ، فلما وصلوا الحدود ، طلب الجوازات ، ليختمها ، فقالت له زوجه : لقد نسيتها في المنزل !!!
فقال الشيخ : قدّر الله وما شاء فعل!
فرجعوا إلى المنزل ونزلت زوجه فالتقطت الجوازت من المنزل ، ثم انطلقوا إلى الحدود ، فتح الموظف الجوازات ، فقال : الجوازات منتهية يا شيخ !!
فقال الشيخ : قدّر الله وما شاء فعل !!
فرجعوا و أجلوا حتى جددوا الجوازات .
فانظروا لحلم الشيخ ، ما أحلمه !
قال بعض أحباب الشيخ ، لو امرأتي فعلت ذلك لطلقتها!!!


تعليقات